المكتبات الرقمية ، الوظائف والمتطلبات
. د.منى عبد العزيز عبد الغفار
مدرس المكتبات وتكنولوجيا المعلومات
كلية
الآداب- جامعة الإسكندرية
تمهيد
المعلومات والمعارف والخبرات هي الأساس التي تقام عليها بناء
الحضارات وبها يقاس مدى تقدم الأمم ورقيها. ولكن ليس الهدف هو مجرد اقتناء هذه
المعارف والخبرات البشرية، فيجب أن يكون الهدف من توافر هذه المعارف: الإتاحة
Access، أي: إتاحتها للعلماء
للإطلاع والقيام بدورهم في ارتقاء الأمم والمساهمة في بناء الحضارات، وما بين عملية
الحصول على هذه المعارف والمعلومات وهو ما يعرف بـ"الاقتناء" Acquisition، وبين
الإتاحة Access نجد أن هناك العديد من
العمليات الفنيةTechnical Operations يقوم بها متخصصون في
مجال المكتبات لتوفير هذه المعارف بأيسر الطرق وأسرعها-وبأقل جهد- إلى المستفيد
النهائي منها End User، وهذا ما يمكن أن يطلق
عليه تحديات المكتبات Libraries Challenges.
وفي ظل تنامي مخرجات
الإنتاج الفكري العالمي، ونقص موارد مؤسسات المكتبات والمعلومات، وأيضاً صعوبة
إيصال المعلومات بسرعة إلى المستفيدين، كل هذا أدى إلى صعوبة السيطرة على هذا
الإنتاج، ولذلك أصبح لزاماً علينا الاستفادة من النمو المتسارع في تكنولوجيا
الاتصالات Communication Technologies، في مجال المكتبات
والمعلومات، حيث أصبح من الممكن أن يتم توفير المعلومات الحديثة جداً للمستفيدين في
أي وقت يريدونها وفي أي مكان يكونوا فيه، و لا ُيطلب منهم سوى القليل من الجهد في
البحث Search ووجود جهاز
حاسوبComputer ووسيلة اتصال بالشبكة
العنكبوتية Internet.
نبذة تاريخية عن
المكتبات الرقمية ..
لقد أدى انتشار
الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات إلى ما يسمى بظاهرة العالم
الافتراضي Virtual World، حيث أصبح الفضاء
الكوني عبارة عن قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصالات الحديثة، وقد انعكس ذلك بالطبع
على المجال العلمي والبحث العلمي والذي أصبح في كل يوم إن لم يكن كل ساعة له نتاج
علمي غزير، وهذا بالطبع يجعل من الصعب على المكتبات التقليدية ومراكز المعلومات
-مهما كانت امكاناتها- ملاحقة مثل هذا الكم الهائل من الإنتاج الفكري واقتنائه
وتوفيره لمجتمع المستفيدين منها.
وقد جاءت المكتبات
الرقمية Digital Libraries كنتيجة حتمية لثورة
الألفية الثالثة التي يطلق عليها ثورة الاتصالات، لتثبت المكتبات أنها قادرة على
الوقوف والتكيف مع كافة التكنولوجيات الحديثة، وأنه لا صدام بينها وبين الجديد
والحديث، بل تستفيد من هذا الجديد والحديث لكي تطور من أدواتها في خدمة المستفيدين
منها في كل زمان ومكان.
ويرى د. عماد عيسى أن
تاريخ المكتبات الرقمية هو نفسه تاريخ تطور استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة
وثورتها في مجال المكتبات والمعلومات، حيث يرى أن المكتبات الرقمية ما هي إلا تجسيد
لقمة المكتبات التي تعتمد في كل عملياتها ووظائفها على التقنيات الحديثة مثل تقنيات
الحواسيب وتكنولوجيا شبكات الاتصالات(1)، كما أن
هناك من يذكر أن تطور مفهوم المكتبة الرقمية يعود إلى زمن بعيد منذ ثلاثينيات القرن
الماضي عند بزوغ فكرة "الموسوعة العالمية" عند (ويلز 1938) (2) ، وبين هذا وذاك يمكن القول أن
السبب الرئيسي وراء ظهور مثل هذا النوع من المكتبات هو النمو الهائل في تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات وخاصة شبكة الانترنت وخاصة بعد اكتشاف واستخدام لغة
HTML والتي أحدثت ثورة في
مجال استخدام الإنترنت وبناء الشبكات، وكذلك تصميم "تيم لي بيرنز"
للشبكةWorldwide Web(WWW) أو ما يسمى بالنسيج
العنكبوتي العالمي، كل ذلك أدى إلى مطالبة جمهور المستفيدين من الإنترنت والمكتبات
بصفة عامة إلى ضرورة إيجاد البيانات والمعلومات في شكل إلكتروني مرقمن بدلاً من
الشكل التقليدي، وقد قامت بعد ذلك العديد من المؤسسات الداعمة لمثل هذه الأنشطة
لرعاية هذا الشكل الجديد من المكتبات مثل مبادرة المكتبات الرقمية Digital Libraries
Initiative (DLI)، ثم تلا ذلك العديد من
المبادرات التي دعمت الأبحاث في مجال رقمنة الإنتاج الفكري.
العوامل التى أدت
إلى ظهور المكتبات الرقمية :
دعت عوامل متحدة مع
بعضها البعض ومتشابكة، إلى ظهور الحاجة إلى المكتبات الرقمية أو بمعنى عام إلى ظهور
الأشكال المرقمنة أو الإلكترونية لمصادر المعلومات، ومن هذه العوامل :
1. الزيادة الهائلة
والمضطردة في الإنتاج الفكري الناتج من الأبحاث العلمية في كل أرجاء المعمورة.
2. التطور التكنولوجي
وثورة الاتصالات في العصر الحديث، وكثرة الاعتماد على الشبكات المعلوماتية وشبكة
الإنترنت في الحصول على المعلومات.
3. الحاجة إلى تطوير
الخدمات المقدمة من قبل المكتبات ومراكز المعلومات، مع الإنجاز في وقت وجهد
المستفيدين.
4. عدم توافر
الإمكانيات المادية للمكتبات التقليدية المتمثلة بالميزانيات المالية المحدودة في
المكتبات.
5. عدم توافر الكوادر
البشرية المؤهلة لإنجاز العمليات الفنية على وسائط المعلومات كالفهرسة والتصنيف
وغيرها من العمليات الفنية.
6. عدم توافر المساحات
في المكتبات التقليدية التي تمكن المكتبة من اقتناء كل ما يصدر من مطبوعات، وذلك في
حال توفر الميزانية للشراء.
7. الزيادة في تكاليف
طباعة المطبوعات لارتفاع أسعار مواد الطباعة، مما جعل النشر التقليدي مهنة مكلفة،
مع توازي سهولة نشر المواد إلكترونياً على شبكة الإنترنت في الشكل المٌرَقْمَنْ.
كل هذه العوامل وغيرها
أظهر الحاجة الماسة والملحة لظهور الأشكال الرقمية ولأوعية ومصادر المعلومات
الرقمية، بل أصبح هناك من مؤسسات المعلومات من يعتمد بصورة أساسية على هذا الشكل من
أشكال مصادر المعلومات دون الأشكال التقليدية العادية.
قضايا تعدد المصطلحات
للمكتبة الرقمية :
يلاحظ الباحث في أدبيات الإنتاج العلمي الخاص بالمكتبات الرقمية أنها حظيت
بالعديد من الدراسات والأبحاث، وذلك على الرغم من قصر عمرها الزمني حيث لم
يتعدىظهورها وبداية الحديث إلا سنواتٍ، وقد شملت هذه الدراسات معظم جوانبها من حيث
البناء والشكل والمواصفات وغيرها، والذي يهمنا هنا الدراسات التي تناولت تعريف
المكتبات الرقمية، فعندما نحصي هذه الدراسات نجدها كثيرة جداً, وقد اختلفت الآراء
في تعريف المكتبات الرقمية فضلاً عن تسميتها أصلاً، فهناك العديد من المسميات التي
أطلقت علي هذا النوع من المكتبات مثل :
* المكتبة
الالكترونية Electronic Library
* المكتبة
الافتراضية Virtual
Library
* المكتبة
الرقمية Digital
Library
* المكتبة
المختلطة / المهجنة/المهيبرة
Hyperd
Library
* المكتبة
المحسبة Computerized
Library
* المكتبة
الميكنة Automated
Library
* المكتبة
بلا جدران Library without
Walls
* المكتبة
على الخط المباشر Online
Library
* مكتبة
المستقبل Future
Library
* مكتبة
خالية من الأوراق Paperless
Library
يعرف أسامة لطفي
المكتبة الرقمية بأنها: " المكتبة التي تقدم خدمات المعلومات لمستفيد غير
موجود داخل جدران المكتبة ، وباستخدام مصادر المعلومات المتاحة والموجودة داخل
المكتبة بعد تحويلها رقمياً وإتاحتها من خلال شبكة الانترنت .
يعرف المعهد الدولي للمكتبة الإلكترونية على انها :
" مجموعة منظمة من
الوسائط في شكل رقمي ، مصممة لخدمة فئة محددة من المستفيدين ، وتيسر بنيتها الوصول
لمحتوياتها ، ومجهزة بوسائل وأدوات الملاحة في شبكة المعلومات العالمية " ويلاحظ
هنا أن يرى أن مصطلح المكتبة الإلكترونية يأتي مرادفاً لمصطلح المكتبة الرقمية .
تعريف المكتبة الافتراضية /التخيلية
* تعريف لافيرنا ، هي :
" نظام
يمكن المستفيد من الاتصال بالمكتبات وقواعد البيانات عن طريق استخدام فهرس المكتبة
المحلي المتاح على الخط المباشر ، أو من خلال جامعة أو شبكة حاسبات تعمل كبوابة
.
* قاموس
مصطلحات المكتبات والمعلومات يقول :
" المكتبة التخيلية ،
هي مكتبة بلا جدران حيث لا توجد مجموعات مطبوعة أو ميكروفيلمية أو في أي شكل مادي ،
ولكن تتاح المجموعات إلكترونياً .
ويرى حشمت قاسم
: " على الرغم من
الاستعمال التبادلي في
بعض الأحيان لمصطلحي "المكتبة الإلكترونية " و "المكتبة الرقمية " ،
فإن أولها أوسع دلالة
من الثاني حيث يشمل كلا من التناظري
والرقمي
،
بينما يقتصر الثاني على
الشكل الرقمي فقط . وعادة ما تنشأ المكتبة الإلكترونية أو
المكتبة الرقمية في
مكان بعينه ، اعتمادا على الأوعية الإلكترونية القائمة بذاتها
والقابلة للتداول
بشكلها المادي الملموس ، سواء كانت مسجلة على أسطوانات ضوئية
مكتنزة أو على وسائط
ممغنطة.
مميزات المكتبات
الرقمية
لكل شيء
مميزاته وعيوبه ولابد عند الحديث عن المكتبات الرقمية من إبراز أوجه الاستفادة
منها، كما نوضح الانتقادات التي توجه إليها، أما عن مميزات المكتبات الرقمية، فلا
شك أنها تتميز عن المكتبات التقليدية في العديد من الأوجه:-
1- الاستفادة من
الإمكانيات الكبيرة للمكتبات الرقمية، وتكنولوجياتها من حيث ترابط المعلومات عن
الموضوع الواحد وذلك باستخدام مميزات النصوص الفائقة Hypertext والوسائط
المتعددة Multimedia، حيث تتيح للباحث
الوصول لمعلومات كثيرة جداً عن موضوع بحثه, عن طريق الروابط النشطة للموضوع في
أماكن أخرى.
2- توفير وقت وجهد
الباحث، وتخطي الحواجز المكانية والزمنية بين البلاد، فلا يحتاج الباحث للوصول إلى
معلومة ما لسفر أو ما شابه ذلك، بل الولوج في الشبكة (المعلوماتية) والبحث عن
مبتغاه والحصول عليه، وهذا تطبيق لمبدأ وصول المعلومات للمستفيدين.
3- إمكانية المشاركة
في المصادر الإلكترونية بين المكتبات Sharing Digital Resources
Between Libraries، مما يمكن من قراءة
الوثيقة أو استخدام مصدر المعلومات من أكثر من باحث في نفس الوقت، مما يزيد من
فعالية مصدر المعلومات وزيادة الاستفادة منه(3).
4- القدرة على السيطرة
على أوعية المعلومات والمصادر الإلكترونية، حيث يمكن تنظيم المعلومات والبيانات
وتخزينها وحفظها بطرق دقيقة وبصورة فعالة، كما يمكن تحديثها بسهولة، وهذا بالطبع
ينعكس بالإيجاب على سهولة استرجاع هذه البيانات والمعلومات من قبل المستفيدين.
5- تسهيل عمليات
الإعارة بين المكتبات ومؤسسات المعلومات المختلفة، وزيادة التعاون بين المكتبات في
شتى المجالات، بما يحقق تقديم مستوى أفضل من الخدمات للمستفيدين، وتعزيز الاتصال مع
مرافق المعلومات المختلفة بوسائل سريعة ومضمونة.
6- تعزيز دور المصادر
الالكترونية في البيئة العربية وبيان أهميتها من حيث سرعة إعداد وإنتاج وتبادل
المعلومات والبيانات عبر الشبكة العنكبوتية.
7- الخروج بالمكتبات
ومراكز المعلومات من حيز المكان إلي مكتبات بلا جدران، حيث يستطيع المستفيد الوصول
إلي محتواها من أي مكان حول العالم.
8- مواكبة التقدم
التقني وثورة المعلومات واستغلالها في مجال المكتبات والمعلومات.
ومع كل هذه المميزات
وغيرها للمكتبات الرقمية والتي لا مجال لذكرها هنا ، نجد آراء تُبرز سليبات
للمكتبات الرقمية، كالقول بعدم موثوقية المعلومات والبيانات الرقمية، وهل المعلومات
هذه موثقة, ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي؟.
كما يذكر د. عبد
الرحمن فراج في مقاله(4) أن من المشكلات التي
تواجه تجارب المكتبات الرقمية هو التقادم التقني Technological
Obsolescence على مستوى البرمجيات
Software والأجهزة ومعدات
المكتبات الرقمية Hardware، كما تبرز مشكلة
الحقوق الفكرية أو الملكية الفكرية للمواد ومصادر المعلومات المنشورة في شكلها
الإلكتروني والرقمي ومدى إمكانية التحكم في هذه الحقوق وإدارتها من قبل مالكيها،
كما أن مشكلة الارتفاع النسبي في تكاليف إنشاء هذه المكتبات يعوق من انتشارها وخاصة
في الدول الفقيرة أو دول العالم العربي خاصة، في ظل مشكلات التكامل بين المكتبات
واختلاف البرمجيات بين مكتبة وأخرى، و هناك مشكلة أخرى تعدٌّ هامة جداً في هذا
المجال، وهي تخلف أساليب الوصول إلى المعلومات والبيانات الرقمية المختزنة في
المكتبات الرقمية، وذلك بالمقارنة مع الزيادة السريعة في اقتناء المواد ومصادر
المعلومات الإلكترونية.
احتياجات المكتبات
الرقمية
عند البدء في
أي مشروع لابد له من احتياجات ومتطلبات حتى يتمكن هذا المشروع من تحقيق الأهداف
التي من أجلها أُنشأ، وعند بداية مشروع إنشاء المكتبة الرقمية، لابد من تحديد
الاحتياجات الخاصة لمثل هذا النوع من المكتبات من حيث الاحتياجات التقنية،
والمادية، والبشرية، والحاجة إلى المعايير والسياسات والإجراءات التي سيتم إتباعها
في تعاملات هذه المكتبة باعتبارها مؤسسة. وسوف نبدأ حديثنا أولاً عن الاحتياجات
التقنية للمكتبات الرقمية.
أولاً: الاحتياجات
التقنية
يقصد
بالاحتياجات التقنية البرامج والتقنيات المستخدمة في المكتبات الرقمية، فتأسيس
وبناء مكتبة رقمية يواجه تحديات جدية، فتحويل مصادر المعلومات التقليدية إلى أخرى
رقمية ليس بالأمر السهل، كما هو الحال عند دخول التقنيات الأخرى كالمواد السمعية
البصرية إلى مجال المكتبات والأسطوانات المكتنزة وما صاحبها من تغييرات وتعديلات في
مسارات المكتبات,كي تتلاءم مع الأشكال الجديدة من مصادر المعلومات، وبمجرد التفكير
في بناء مكتبة رقمية لابد من توافر الاحتياجات التقنية الخاصة بها من معدات وأجهزة
حاسوب فلا شك أن هناك فارق كبير بين أتمتة المكتبات Automation، وبين
عمليات الرقمنة Digitization، ففي عمليات الأتمتة
يتم تحويل العمليات المكتبية الفنية والبشرية من الشكل التقليدي المعتمد على العنصر
البشري وقدراته, إلى الشكل المحوسب بالاعتماد على قدرات الحواسيب واستخدامها في
إنجاز المعاملات المكتبية من عمليات فنية إلى الاستعارة وغيرها. أما الرقمنة فإنها
تعني تحويل المجموعات المكتبية ومصادر المعلومات من صورتها التقليدية إلى الصورة
الرقمية، سواء عن طريق عمليات المسح الضوئي Scanning أو إدخالها
كنص رقمي Digital Text.
ويمكن تلخيص هذه
المتطلبات التقنية فيما يلي :
1. الأجهزة والمعدات
Hardwareالتي سيتم عن طريقها
تحويل المصادر التقليدية إلى الشكل الرقمي.
2. البرمجيات الخاصة
بعمليات تكويد مصادر المعلومات في الشكل الرقمي، وكذلك بروتوكولات Protocols الربط بين
أجزاء المكتبة الرقمية، المتصفحات Browsersوبرامج
استرجاع الوثائق والبيانات من المكتبة الرقمية.
3. شبكات الاتصال
Communication
Networks، ومنافذ للشبكة
العالمية الإنترنت Internet Terminalsوالتي لابد أن تكون
بقدرات عالية وكفاءة وسرعة فائقة.
4. قواعد البيانات
Data
Bases التي تختزن فيها
النصوص الكاملة للوثائق ومصادر المعلومات، ولابد أن تكون هذه القواعد قادرة على
استيعاب كافة أشكال المصادر الرقمية Digital Format .
5. اعتماد نسق معين
لبيانات الوثائق ومصادر المعلومات يتم استخدامه بصفة دائمة، وهي كثيرة في الوقت
الحالي، ولكن أفضل ما يُوصى به عالمياً هي لغة الترميز القابلة
للامتدادExtensible Markup Language (XML).
6. برمجيات حماية حقوق
الملكية الفكرية لمصادر المعلومات والوثائق الرقمية، سواء التي تم تحويلها من الشكل
التقليدي إلى الشكل الرقمي، أو تلك التي أُنتجت أصلاً في شكلها الرقمي.
7. برمجيات الأمان
والتحقق من هوية المستخدمين للمكتبة الرقمية، وأمن والبيانات والمجموعات
الرقمية.
8. وسائط التخزين
لمصادر المعلومات، والتحقق من مدى قدرتها على الاستيعاب لما قد يزيد من المصادر
الرقمية وارتباطاتها في المستقبل القريب والبعيد، ومدى قدرات التخزين الاحتياطية
لهذه الوسائط .
9. واجهات الاستخدام
للمستفيدين User Interfaces والتي يجب أن يتم
مراعاة المواصفات العالمية في تصميمها.
ثانياً: الاحتياجات
المادية :
لعلنا
لا نبالغ إذا قلنا أن الاحتياجات المادية من توافر الميزانيات المالية هي واحدة من
أهم عوامل قيام المشروعات بصفة عامة، والمكتبات الرقمية بصفة خاصة، فلابد من توافر
الموارد المالية اللازمة لقيام المكتبات الرقمية، وهنا لابد أن نشير إلى أن
التكاليف الباهظة نسبياً في عملية إنشاء المكتبات الرقمية يمكن أن تقف حجر عثرة في
هذه العملية وخاصة في البلدان العربية، وذلك لنقص التكنولوجيا المؤهلة لقيام مثل
هذا النوع من المكتبات، وعند قيام مكتبة أو مؤسسة بمفردها في البدء بإنشاء مكتبة
رقمية فإن ذلك سيكون مرهقاً جداً، ولكي يحقق أحد الأهداف المرجوة من المكتبة
الرقمية وهو تقليل النفقات عن المكتبات التقليدية، لذا من الضروري أن يكون هناك
مشاركة في عمليات إنشاء وبناء مثل هذه المكتبات الرقمية، مما يجعل النفقات موزعة
على أكثر من جهة، وبهذا يتحقق تقليل النفقات في عمليات الإنشاء وأيضاً يتحقق
التعاون بين المؤسسات المعلوماتية والمكتبات لتقديم مستويات أفضل من الخدمات
للمستفيدين من هذه المؤسسات عن طريق المشاركة في التكاليف وكذلك المشاركة في
المصادر والذي يعد الآن من الاتجاهات العالمية في شتى المجالات وبخاصة في مجالات
المعلومات وتبادل البيانات، ولعنا إذا راجعنا معظم مشروعات المكتبات الرقمية سنجد
أنها لم تنشأ عن مؤسسة واحدة مهما كانت الإمكانيات المتوافرة لها، وإنما هي ثمرة
تعاون مؤسسي بين أكثر من جهة فعلى المستوى العالمي نجد أن جامعة بيركلي
Berkeley أقامت مكتبتها الرقمية
بالتعاون مع شركة صن للمجموعات الرقمية Sun Microsystems, Inc.، وعلى المستوى
العربي نجد أيضاً أن مكتبة الإسكندرية تتعاون مع جامعة كارنيجي ميلون CarnegieMellonUniversity في كثير من المشروعات
الرقمية بها.
ثالثاً: الاحتياجات
البشرية Digital Librarian
يعد العنصر البشري من
العناصر الهامة في قيام أي مشروع، ذلك أنه لابد من وجود العنصر البشري، مهما كانت
درجة تقنية وحداثة المشروع حتى وإن كانت مشاريع المكتبات الرقمية، وكما لاحظنا أن
هناك تضارب أو عدم وضوح في مسميات المكتبات الرقمية والمصطلحات التي خرجت معها، نجد
أن هناك أيضاً درجة من عدم الوضوح في المسمى للعناصر البشرية التي ستقوم بالعمل في
البيئة الرقمية بشكل عام وفي المكتبات الرقمية بشكل خاص، فمسئول المكتبة الرقمية هو
بمثابة أمين مكتبة أو أخصائي مكتبات في المكتبات التقليدية - مع اختلاف الوظائف-
وهذا بالطبع يستتبع معه اختلاف في القدرات والمؤهلات المطلوبة ممن يُطلب منه القيام
بعمل أمين المكتبة الرقمي، فما هي هذه المسميات؟ وما هي المواصفات والمؤهلات
المطالب بها؟ وما هي الوظائف المنوط بهذا الشخص - مهما كان مسماه- أداؤها؟
أما عن
المسميات، فنجد أن هناك أكثر من تسمية لمن يعمل في المكتبة الرقمية، مثل أخصائي
مكتبات Librarian، أخصائي معلومات
Information
Specialist، أمين المعلومات (5) Cybrarian، كما نجد
هناك العديد من المسميات الأخرى ، وهي من وظائف المكتبات
الحديثة مثل اختصاصي مصادر المعلومات الرقمية Digital Resources
Librarian، ومنسق المصادر
الرقمية Digital Resources Coordinator، وأيضاً اختصاصي
المكتبات المسئولين عن المجموعات الرقميةLibrary Specialists in
Digital Collections ، مديري الوثائق
الإلكترونية أو المتاحة على الخط المباشر Managers of electronic or
online archives، ومن كل هذه المسميات
يتضح لنا أنها تشترك في أن صاحبها يعمل في بيئة عمل غير تقليدية.
ولكن مع كل هذه
المسميات وغيرها وما بها من بريق إعلامي، هل لنا أن نقول أننا كمكتبيين لا نصلح
لمثل هذه المهام؟ وهل سيتولى غيرنا مهمتنا في مؤسسة يطلق عليها مكتبة أياً كان نوع
هذه المكتبة وطبيعة العمل فيها؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة، فيما إذا كان في
مقدور العاملين في قطاع المكتبات على النهوض واللحاق بركب التقدم التكنولوجي السريع
وتطوير الذات، حتى لا نجد من يطل علينا بمقولة: أن المكتبيين لا يصلحوا للقيام
بمهام العمل في البيئة الإلكترونية والرقمية، وعلى ذلك فإن أفضل ما يطلق على من
يقوم بمهام المكتبة الإلكترونية هو أخصائي المكتبات والمعلومات، حيث يكون هو الشخص
المُلم بكل القواعد العلمية والعملية الخاصة بالعمليات الفنية في مجال المكتبات،
ومُزوداً بكل ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خبرات ومعارف.
وهذا بالطبع
يقودنا إلى النقطة الأخرى في موضوع المتطلبات البشرية للمكتبات الرقمية وهي السؤال
المطروح .. ما هي مؤهلات من يقوم بالعمل في المكتبات الرقمية بصفة خاصة أو في
البيئة الرقمية بوجه عام؟
كما ذكرنا أنه
من الأفضل أن يكون من المختصصين العاملين في مجال المكتبات، وله من الخبرات العالية
في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويمكن أن نلخص ما يجب أن يتحلى به أخصائي المكتبات
والمعلومات الذي سيعمل في المكتبة الرقمية في عدة نقاط نبرز بعضاً منها فيما يلي :
-
1. المعرفة التخصصية في
علم المكتبات والمعلومات، وهو كما قلنا ركيزة أساسية لأي شخص يعمل في مجال المكتبات
عموماً تقليدياً كان أم رقمياً. (6)
2. أن يكون الشخص
مؤهلاً تأهيلاً علمياً عالياً، وذلك حتى يتسنى له مواجهة ما يمكن أن يواجهه في بيئة
عمله من جهد عقلي، وإدراكه لمدى أهمية المكان الذي يعمل به.
3. المتابعة والتجديد،
حيث يجب أن يكون المكتبي الذي يعمل في البيئة الرقمية أن يكون
متابعاً لكل جديد في مجال تخصصه وكذلك في مجال تكنولوجيا الاتصالات وعلوم
المعلومات، وكل ما هو حديث في مجاله.
4. التعليم المستمر:
فيجب أن يكون هناك نوع من التعليم المستمر للمكتبيين العاملين في مجال المكتبات
الرقمية وذلك عن طريق الدورات التدريبية والتقنية المستمرة في مجالات التقانة
والتكنولوجيا وعلوم المكتبات والمعلومات، وهذه النقطة بالطبع ملقاةً على عاتق
المؤسسات الحاضنة لمثل هذه المكتبات.
5. التدريب العملي
المستمر للعاملين: حيث يجب المكتبيون العاملون في المكتبات الرقمية إلى نوع من
التدريب المستمر والمنظم حتى يكونوا على دراية دائمة ومتجددة بالحديث في مجال
التخصص.
وفضلا عن كل ما مضى من النقاط لابدَّ من نقطة جِدُ مهمَّة وهي المختصة
بالسياسات العامة لتعليم علوم المكتبات والمعلومات في الوطن العربي بصفة خاصة- هي
ضرورة تعديل المقررات الدراسية والمساقات العلمية بما يتطابق مع الثورة الحادثة في
مجال المكتبات والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، وتعليم المكتبيين منذ نعومة
أظفارهم في أقسام المكتبات ما هي التكنولوجيات الموجودة في مجال المكتبات
والمعلومات، وكيفية الاستفادة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في مجال المكتبات،
فضلا عن زيادة الجرعات العملية والمساحات الحرة في التفكير للطلاب، كالتركيز على
المشروعات العلمية للطلاب وبيان أهميتها, وضرورة التركيز على الخروج عن نطاق تقييم
المراجع وعمل الأبحاث في المكتبات التقليدية، إلى إجبار الطالب على التفكير وتحسين
أدائه وطريقة تفكيره وقدرته على الإبداع عن طريق إنجاز مشروعات تكنولوجية في
المجال.
وهذا بالطبع
يساعد على خلق مكتبي عصري مُسلح بعلوم المكتبات الأساسية التي لا غنى في مجال
المكتبات التقليدي وغير التقليدي، كما تجعله أيضاً أكثر اعتياداً على الأشكال غير
التقليدية لوسائط المعلومات وكذلك أنواع المكتبات الحديثة، ولا يهاب الولوج إلى خضم
ومعترك هذه الساحات التكنولوجية والتي يهاب كثير منا الدخول إليها، فلا يمكن لأي
مكتبة رقمية كانت أم تقليدية أن تقوم فقط بتوفير الاحتياجات المادية من ميزانيات
وأموال، فضلا عن الاحتياجات التقنية من حواسيب وبرامج وغيرها .. ومخطئ من يظن هذا،
بل لا بد لكل ذلك من مكتبيين على درجة كبيرة جداً من الوعي والثقافة الذاتية
والقدرات والثقة بالنفس كي يمكن لهذه الجوانب أن تتكامل لإظهار مشروع جيد متكامل
وتقديم خدماتٍ متطورةٍ على درجة كبيرة من الإتقان لمجتمع المستفيدين، ومن هنا يمكن
القول أن المكتبيين بالفعل هم الأداة الفاعلة التي تقف خلف هذه المشروعات, ويعملون
بجد لإظهار الشكل المتكامل لهذه المشروعات, فهل نجد في أنفسنا الثقة على أن نكون
نحن وليس غيرنا هم من يقوموا بإنشاء والعمل في هذه المكتبات الرقمية؟، وألا نكتفي
بذلك بل أن نطورها، ونعطي الحلول والمقترحات للتطوير وتحسين الخدمات، وقد ذكر د.
عماد عيسى أن تعليم وتأهيل العاملين في
المكتبات الرقمية لم يأخذ القدر الكافي من الاهتمام، كونه يأتي في مرتبة متأخرة
مقارنة مع ما يُرصد من ميزانيات لأغراض البحث والتطبيقات في مجال المكتبات
الرقمية.
وبعد أن ذكرنا المسميات والمؤهلات لمن يعمل في بيئة المكتبات الرقمية، حق لنا أن
نسأل لماذا كل هذه المسميات والمواصفات الكثيرة والمعقدة؟ وهل هناك من الوظائف
والواجبات التي سيقوم بها هذا الشخص؟ وهل تستدعي كل هذا الجدل والمتطلبات؟
نجيب: إنَّ الشخص
المنوط به العمل في المكتبات الرقمية يقع –بالفعل- على عاتقه كم هائل ودقيق جداً من
الوظائف والواجبات التي يجب القيام بها, وعليه أيضا القيام بعديد من الوظائف. ويمكن
القول: إنَّ وظيفة المكتبي في بيئة المكتبة الرقمية هي متداخلة و متشابكة, فهو ينجز
وظائف متعددة في وقت واحد، لذا كان لا بدَّ من التدقيق في تحديد مواصفاته، ومن هذه
الوظائف :
1. إعداد المخططات
الفنية لمشاريع المكتبات الرقمية، فعلى عاتق أخصائيي المكتبات والمعلومات تقع
المسئولية الفنية في التخطيط لمشاريع المكتبات الرقمية، حيث من المفترض فيه أن
يمتلك رؤية واضحة لمتطلبات وأهداف مؤسسات المعلومات.
2. اختيار المجموعات
ومصادر المعلومات الرقمية، وإجراء العمليات المكتبية الفنية عليها مثل، الاقتناء،
والحفظ، والتنظيم، وإدارة هذه المجموعات في البيئة الرقمية.
3. رقمنة أوعية
المعلومات والوثائق التقليدية، وتحويلها من الشكل التقليدي إلى الشكل
الرقمي.
4. تخطيط الخدمات
المكتبية: فعليه تقع مسئولية تخطيط خدمات المكتبة وكيفية تقديمها، فضلا عن الابتكار
في إنشاء خدمات جديدة وفي طريقة تقديم هذه الخدمات، مثل خدمات الإبحار المعلوماتي،
وتقديم الاستشارات، وتوصيل المعلومات والبث الإنتقائي .. وغيرها.
5. إدارة الأجهزة
والبرمجيات المستخدمة في تحويل تلك المصادر التقليدية إلى الصورة الرقمية، بمايشمل
ذلك من الوصول الشبكي networked access إلى المجموعات الرقمية.
(7)
6. الابتكار في عرض
مجموعات المكتبة الرقمية على موقع المكتبة وعلى شبكة الإنترنت، وابتكار وسائل
التعريف بالمكتبة ومجموعاتها.
7. وصف محتوى البيانات
وخصائصها، وتنظيم عناصر الميتاداتا لمصادر المعلومات.
8. اتخاذ تدابير صيانة
وأمن المعلومات ومصادرها على موقع المكتبة.
9. إجراء دراسات
التغذية الراجعة، واستطلاع آراء المستفيدين من المكتبة ومحاولة معرفة مدى توافق
المجموعات الرقمية بالمكتبة مع متطلبات ورواد المكتبة الرقمية (دراسات المستفيدين).
كل هذه الوظائف
وغيرها منوط بأدائها المكتبي في البيئة الرقمية، ومن هذا المنطلق نجد أن هناك
الكثير من الدراسات التي قامت بالمناداة بأهمية العنصر البشري في مشاريع الرقمنة
والمكتبات الرقمية، بل أصبح هناك من المؤسسات والمعاهد العلمية التي تعمل على
التخطيط لإيجاد جيل من المكتبيين المتخصصين القادرين على العمل في البيئة الرقمية،
مثلما قامت به مكتبة بيركيلي Berkeley
Library بجامعة كاليفورنيا
University of
، California (UC) والتي
أقامت - بالتعاون مع قسم التربية بالجامعة- معهداً خاصاً بتطوير المكتبات الرقمية،
تتركز مهامه في عملية تدريب العاملين في مجال المحتوى الرقمي في المكتبات والأراشيف
الرقمية، وصقلهم بأهم وآخر التطورات في مجال تكنولوجيا الرقمنة.
الخلاصة
تعد المكتبات
الرقمية Digital Libraries بحق ثورة في مجال
استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال المكتبات والمعلومات،
ومواكبة التطورات الحادثة في العالم، والذي بدأ التحول والتوجه نحو الرقمنة
Digitization في كل المجالات
والاتجاهات، فأصبح من الشائع أن نسمع عن المكتبات الرقمية والنشر الإلكتروني،
وأيضاً عن الحكومات الإلكترونية وخدماتها.
وهناك
العديد من التجارب الناجحة لمشاريع المكتبات الرقمية على المستوى العالمي، فبعض
جامعات أمريكا وأوروبا نجحوا بالفعل في عمل مكتبات رقمية على مستوى عالي من الجودة،
أما على المستوى العربي فإننا لا نكاد نجد غير بعض التجارب التي لا تتجاوز أصابع
اليدين، لكنها محاولات جادة حاولت اللحاق بركب الرقمنة العالمية، ومن هذه المشروعات
الجادة على المستوى العربي مكتبة الوراق بالقرية الذكية في أبو ظبي، ومكتبة
الإسكندرية الرقمية والتي تعمل على تحقيق تقدم في مجال رقمنة التراث الإنساني
القديم، ومشروع البوابة الإلكترونية بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية وغيرهما من
التجارب الأخرى.
الهوامش :
1.
عماد عيسى
صالح محمد. مشروعات
المكتبات الرقمية في مصر : دراسة تطبيقية للمتطلبات الفنية والوظيفية / إعداد عماد
عيسى صالح محمد ؛ إشراف محمد فتحي عبد الهادي، زين الدين محمد عبد الهادي، 2000
[أطروحة دكتوراه].
2. سعد
الزهري. رقمنة ملايين الكتب في الغرب وعدم التفريق بين الانترنت والمكتبة
الرقمية في الشرق / سعد الزهيري. مجلة المعلوماتية، ع. 10 متاح على الرابط:
4. محمودعبدالستار خليفة. مصطلح cybrarian : المفهوم
والاستخدام العربي . - cybrarians journal . - ع 1 (يونيو 2004)
. - متاح في :
5. عبد
الرحمن فراج. مفاهيم أساسية في المكتبات الرقمية. - المعلوماتية. - ع. 10.
متوفر على الرابط:
متوفرة أيضاً على
الرابط: http://www.arabcin.net/arabiaall/1-2003.html
تمهيد
المعلومات والمعارف والخبرات هي الأساس التي تقام عليها بناء
الحضارات وبها يقاس مدى تقدم الأمم ورقيها. ولكن ليس الهدف هو مجرد اقتناء هذه
المعارف والخبرات البشرية، فيجب أن يكون الهدف من توافر هذه المعارف: الإتاحة
Access، أي: إتاحتها للعلماء
للإطلاع والقيام بدورهم في ارتقاء الأمم والمساهمة في بناء الحضارات، وما بين عملية
الحصول على هذه المعارف والمعلومات وهو ما يعرف بـ"الاقتناء" Acquisition، وبين
الإتاحة Access نجد أن هناك العديد من
العمليات الفنيةTechnical Operations يقوم بها متخصصون في
مجال المكتبات لتوفير هذه المعارف بأيسر الطرق وأسرعها-وبأقل جهد- إلى المستفيد
النهائي منها End User، وهذا ما يمكن أن يطلق
عليه تحديات المكتبات Libraries Challenges.
وفي ظل تنامي مخرجات
الإنتاج الفكري العالمي، ونقص موارد مؤسسات المكتبات والمعلومات، وأيضاً صعوبة
إيصال المعلومات بسرعة إلى المستفيدين، كل هذا أدى إلى صعوبة السيطرة على هذا
الإنتاج، ولذلك أصبح لزاماً علينا الاستفادة من النمو المتسارع في تكنولوجيا
الاتصالات Communication Technologies، في مجال المكتبات
والمعلومات، حيث أصبح من الممكن أن يتم توفير المعلومات الحديثة جداً للمستفيدين في
أي وقت يريدونها وفي أي مكان يكونوا فيه، و لا ُيطلب منهم سوى القليل من الجهد في
البحث Search ووجود جهاز
حاسوبComputer ووسيلة اتصال بالشبكة
العنكبوتية Internet.
نبذة تاريخية عن
المكتبات الرقمية ..
لقد أدى انتشار
الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات إلى ما يسمى بظاهرة العالم
الافتراضي Virtual World، حيث أصبح الفضاء
الكوني عبارة عن قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصالات الحديثة، وقد انعكس ذلك بالطبع
على المجال العلمي والبحث العلمي والذي أصبح في كل يوم إن لم يكن كل ساعة له نتاج
علمي غزير، وهذا بالطبع يجعل من الصعب على المكتبات التقليدية ومراكز المعلومات
-مهما كانت امكاناتها- ملاحقة مثل هذا الكم الهائل من الإنتاج الفكري واقتنائه
وتوفيره لمجتمع المستفيدين منها.
وقد جاءت المكتبات
الرقمية Digital Libraries كنتيجة حتمية لثورة
الألفية الثالثة التي يطلق عليها ثورة الاتصالات، لتثبت المكتبات أنها قادرة على
الوقوف والتكيف مع كافة التكنولوجيات الحديثة، وأنه لا صدام بينها وبين الجديد
والحديث، بل تستفيد من هذا الجديد والحديث لكي تطور من أدواتها في خدمة المستفيدين
منها في كل زمان ومكان.
ويرى د. عماد عيسى أن
تاريخ المكتبات الرقمية هو نفسه تاريخ تطور استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة
وثورتها في مجال المكتبات والمعلومات، حيث يرى أن المكتبات الرقمية ما هي إلا تجسيد
لقمة المكتبات التي تعتمد في كل عملياتها ووظائفها على التقنيات الحديثة مثل تقنيات
الحواسيب وتكنولوجيا شبكات الاتصالات(1)، كما أن
هناك من يذكر أن تطور مفهوم المكتبة الرقمية يعود إلى زمن بعيد منذ ثلاثينيات القرن
الماضي عند بزوغ فكرة "الموسوعة العالمية" عند (ويلز 1938) (2) ، وبين هذا وذاك يمكن القول أن
السبب الرئيسي وراء ظهور مثل هذا النوع من المكتبات هو النمو الهائل في تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات وخاصة شبكة الانترنت وخاصة بعد اكتشاف واستخدام لغة
HTML والتي أحدثت ثورة في
مجال استخدام الإنترنت وبناء الشبكات، وكذلك تصميم "تيم لي بيرنز"
للشبكةWorldwide Web(WWW) أو ما يسمى بالنسيج
العنكبوتي العالمي، كل ذلك أدى إلى مطالبة جمهور المستفيدين من الإنترنت والمكتبات
بصفة عامة إلى ضرورة إيجاد البيانات والمعلومات في شكل إلكتروني مرقمن بدلاً من
الشكل التقليدي، وقد قامت بعد ذلك العديد من المؤسسات الداعمة لمثل هذه الأنشطة
لرعاية هذا الشكل الجديد من المكتبات مثل مبادرة المكتبات الرقمية Digital Libraries
Initiative (DLI)، ثم تلا ذلك العديد من
المبادرات التي دعمت الأبحاث في مجال رقمنة الإنتاج الفكري.
العوامل التى أدت
إلى ظهور المكتبات الرقمية :
دعت عوامل متحدة مع
بعضها البعض ومتشابكة، إلى ظهور الحاجة إلى المكتبات الرقمية أو بمعنى عام إلى ظهور
الأشكال المرقمنة أو الإلكترونية لمصادر المعلومات، ومن هذه العوامل :
1. الزيادة الهائلة
والمضطردة في الإنتاج الفكري الناتج من الأبحاث العلمية في كل أرجاء المعمورة.
2. التطور التكنولوجي
وثورة الاتصالات في العصر الحديث، وكثرة الاعتماد على الشبكات المعلوماتية وشبكة
الإنترنت في الحصول على المعلومات.
3. الحاجة إلى تطوير
الخدمات المقدمة من قبل المكتبات ومراكز المعلومات، مع الإنجاز في وقت وجهد
المستفيدين.
4. عدم توافر
الإمكانيات المادية للمكتبات التقليدية المتمثلة بالميزانيات المالية المحدودة في
المكتبات.
5. عدم توافر الكوادر
البشرية المؤهلة لإنجاز العمليات الفنية على وسائط المعلومات كالفهرسة والتصنيف
وغيرها من العمليات الفنية.
6. عدم توافر المساحات
في المكتبات التقليدية التي تمكن المكتبة من اقتناء كل ما يصدر من مطبوعات، وذلك في
حال توفر الميزانية للشراء.
7. الزيادة في تكاليف
طباعة المطبوعات لارتفاع أسعار مواد الطباعة، مما جعل النشر التقليدي مهنة مكلفة،
مع توازي سهولة نشر المواد إلكترونياً على شبكة الإنترنت في الشكل المٌرَقْمَنْ.
كل هذه العوامل وغيرها
أظهر الحاجة الماسة والملحة لظهور الأشكال الرقمية ولأوعية ومصادر المعلومات
الرقمية، بل أصبح هناك من مؤسسات المعلومات من يعتمد بصورة أساسية على هذا الشكل من
أشكال مصادر المعلومات دون الأشكال التقليدية العادية.
قضايا تعدد المصطلحات
للمكتبة الرقمية :
يلاحظ الباحث في أدبيات الإنتاج العلمي الخاص بالمكتبات الرقمية أنها حظيت
بالعديد من الدراسات والأبحاث، وذلك على الرغم من قصر عمرها الزمني حيث لم
يتعدىظهورها وبداية الحديث إلا سنواتٍ، وقد شملت هذه الدراسات معظم جوانبها من حيث
البناء والشكل والمواصفات وغيرها، والذي يهمنا هنا الدراسات التي تناولت تعريف
المكتبات الرقمية، فعندما نحصي هذه الدراسات نجدها كثيرة جداً, وقد اختلفت الآراء
في تعريف المكتبات الرقمية فضلاً عن تسميتها أصلاً، فهناك العديد من المسميات التي
أطلقت علي هذا النوع من المكتبات مثل :
* المكتبة
الالكترونية Electronic Library
* المكتبة
الافتراضية Virtual
Library
* المكتبة
الرقمية Digital
Library
* المكتبة
المختلطة / المهجنة/المهيبرة
Hyperd
Library
* المكتبة
المحسبة Computerized
Library
* المكتبة
الميكنة Automated
Library
* المكتبة
بلا جدران Library without
Walls
* المكتبة
على الخط المباشر Online
Library
* مكتبة
المستقبل Future
Library
* مكتبة
خالية من الأوراق Paperless
Library
يعرف أسامة لطفي
المكتبة الرقمية بأنها: " المكتبة التي تقدم خدمات المعلومات لمستفيد غير
موجود داخل جدران المكتبة ، وباستخدام مصادر المعلومات المتاحة والموجودة داخل
المكتبة بعد تحويلها رقمياً وإتاحتها من خلال شبكة الانترنت .
يعرف المعهد الدولي للمكتبة الإلكترونية على انها :
" مجموعة منظمة من
الوسائط في شكل رقمي ، مصممة لخدمة فئة محددة من المستفيدين ، وتيسر بنيتها الوصول
لمحتوياتها ، ومجهزة بوسائل وأدوات الملاحة في شبكة المعلومات العالمية " ويلاحظ
هنا أن يرى أن مصطلح المكتبة الإلكترونية يأتي مرادفاً لمصطلح المكتبة الرقمية .
تعريف المكتبة الافتراضية /التخيلية
* تعريف لافيرنا ، هي :
" نظام
يمكن المستفيد من الاتصال بالمكتبات وقواعد البيانات عن طريق استخدام فهرس المكتبة
المحلي المتاح على الخط المباشر ، أو من خلال جامعة أو شبكة حاسبات تعمل كبوابة
.
* قاموس
مصطلحات المكتبات والمعلومات يقول :
" المكتبة التخيلية ،
هي مكتبة بلا جدران حيث لا توجد مجموعات مطبوعة أو ميكروفيلمية أو في أي شكل مادي ،
ولكن تتاح المجموعات إلكترونياً .
ويرى حشمت قاسم
: " على الرغم من
الاستعمال التبادلي في
بعض الأحيان لمصطلحي "المكتبة الإلكترونية " و "المكتبة الرقمية " ،
فإن أولها أوسع دلالة
من الثاني حيث يشمل كلا من التناظري
والرقمي
،
بينما يقتصر الثاني على
الشكل الرقمي فقط . وعادة ما تنشأ المكتبة الإلكترونية أو
المكتبة الرقمية في
مكان بعينه ، اعتمادا على الأوعية الإلكترونية القائمة بذاتها
والقابلة للتداول
بشكلها المادي الملموس ، سواء كانت مسجلة على أسطوانات ضوئية
مكتنزة أو على وسائط
ممغنطة.
مميزات المكتبات
الرقمية
لكل شيء
مميزاته وعيوبه ولابد عند الحديث عن المكتبات الرقمية من إبراز أوجه الاستفادة
منها، كما نوضح الانتقادات التي توجه إليها، أما عن مميزات المكتبات الرقمية، فلا
شك أنها تتميز عن المكتبات التقليدية في العديد من الأوجه:-
1- الاستفادة من
الإمكانيات الكبيرة للمكتبات الرقمية، وتكنولوجياتها من حيث ترابط المعلومات عن
الموضوع الواحد وذلك باستخدام مميزات النصوص الفائقة Hypertext والوسائط
المتعددة Multimedia، حيث تتيح للباحث
الوصول لمعلومات كثيرة جداً عن موضوع بحثه, عن طريق الروابط النشطة للموضوع في
أماكن أخرى.
2- توفير وقت وجهد
الباحث، وتخطي الحواجز المكانية والزمنية بين البلاد، فلا يحتاج الباحث للوصول إلى
معلومة ما لسفر أو ما شابه ذلك، بل الولوج في الشبكة (المعلوماتية) والبحث عن
مبتغاه والحصول عليه، وهذا تطبيق لمبدأ وصول المعلومات للمستفيدين.
3- إمكانية المشاركة
في المصادر الإلكترونية بين المكتبات Sharing Digital Resources
Between Libraries، مما يمكن من قراءة
الوثيقة أو استخدام مصدر المعلومات من أكثر من باحث في نفس الوقت، مما يزيد من
فعالية مصدر المعلومات وزيادة الاستفادة منه(3).
4- القدرة على السيطرة
على أوعية المعلومات والمصادر الإلكترونية، حيث يمكن تنظيم المعلومات والبيانات
وتخزينها وحفظها بطرق دقيقة وبصورة فعالة، كما يمكن تحديثها بسهولة، وهذا بالطبع
ينعكس بالإيجاب على سهولة استرجاع هذه البيانات والمعلومات من قبل المستفيدين.
5- تسهيل عمليات
الإعارة بين المكتبات ومؤسسات المعلومات المختلفة، وزيادة التعاون بين المكتبات في
شتى المجالات، بما يحقق تقديم مستوى أفضل من الخدمات للمستفيدين، وتعزيز الاتصال مع
مرافق المعلومات المختلفة بوسائل سريعة ومضمونة.
6- تعزيز دور المصادر
الالكترونية في البيئة العربية وبيان أهميتها من حيث سرعة إعداد وإنتاج وتبادل
المعلومات والبيانات عبر الشبكة العنكبوتية.
7- الخروج بالمكتبات
ومراكز المعلومات من حيز المكان إلي مكتبات بلا جدران، حيث يستطيع المستفيد الوصول
إلي محتواها من أي مكان حول العالم.
8- مواكبة التقدم
التقني وثورة المعلومات واستغلالها في مجال المكتبات والمعلومات.
ومع كل هذه المميزات
وغيرها للمكتبات الرقمية والتي لا مجال لذكرها هنا ، نجد آراء تُبرز سليبات
للمكتبات الرقمية، كالقول بعدم موثوقية المعلومات والبيانات الرقمية، وهل المعلومات
هذه موثقة, ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي؟.
كما يذكر د. عبد
الرحمن فراج في مقاله(4) أن من المشكلات التي
تواجه تجارب المكتبات الرقمية هو التقادم التقني Technological
Obsolescence على مستوى البرمجيات
Software والأجهزة ومعدات
المكتبات الرقمية Hardware، كما تبرز مشكلة
الحقوق الفكرية أو الملكية الفكرية للمواد ومصادر المعلومات المنشورة في شكلها
الإلكتروني والرقمي ومدى إمكانية التحكم في هذه الحقوق وإدارتها من قبل مالكيها،
كما أن مشكلة الارتفاع النسبي في تكاليف إنشاء هذه المكتبات يعوق من انتشارها وخاصة
في الدول الفقيرة أو دول العالم العربي خاصة، في ظل مشكلات التكامل بين المكتبات
واختلاف البرمجيات بين مكتبة وأخرى، و هناك مشكلة أخرى تعدٌّ هامة جداً في هذا
المجال، وهي تخلف أساليب الوصول إلى المعلومات والبيانات الرقمية المختزنة في
المكتبات الرقمية، وذلك بالمقارنة مع الزيادة السريعة في اقتناء المواد ومصادر
المعلومات الإلكترونية.
احتياجات المكتبات
الرقمية
عند البدء في
أي مشروع لابد له من احتياجات ومتطلبات حتى يتمكن هذا المشروع من تحقيق الأهداف
التي من أجلها أُنشأ، وعند بداية مشروع إنشاء المكتبة الرقمية، لابد من تحديد
الاحتياجات الخاصة لمثل هذا النوع من المكتبات من حيث الاحتياجات التقنية،
والمادية، والبشرية، والحاجة إلى المعايير والسياسات والإجراءات التي سيتم إتباعها
في تعاملات هذه المكتبة باعتبارها مؤسسة. وسوف نبدأ حديثنا أولاً عن الاحتياجات
التقنية للمكتبات الرقمية.
أولاً: الاحتياجات
التقنية
يقصد
بالاحتياجات التقنية البرامج والتقنيات المستخدمة في المكتبات الرقمية، فتأسيس
وبناء مكتبة رقمية يواجه تحديات جدية، فتحويل مصادر المعلومات التقليدية إلى أخرى
رقمية ليس بالأمر السهل، كما هو الحال عند دخول التقنيات الأخرى كالمواد السمعية
البصرية إلى مجال المكتبات والأسطوانات المكتنزة وما صاحبها من تغييرات وتعديلات في
مسارات المكتبات,كي تتلاءم مع الأشكال الجديدة من مصادر المعلومات، وبمجرد التفكير
في بناء مكتبة رقمية لابد من توافر الاحتياجات التقنية الخاصة بها من معدات وأجهزة
حاسوب فلا شك أن هناك فارق كبير بين أتمتة المكتبات Automation، وبين
عمليات الرقمنة Digitization، ففي عمليات الأتمتة
يتم تحويل العمليات المكتبية الفنية والبشرية من الشكل التقليدي المعتمد على العنصر
البشري وقدراته, إلى الشكل المحوسب بالاعتماد على قدرات الحواسيب واستخدامها في
إنجاز المعاملات المكتبية من عمليات فنية إلى الاستعارة وغيرها. أما الرقمنة فإنها
تعني تحويل المجموعات المكتبية ومصادر المعلومات من صورتها التقليدية إلى الصورة
الرقمية، سواء عن طريق عمليات المسح الضوئي Scanning أو إدخالها
كنص رقمي Digital Text.
ويمكن تلخيص هذه
المتطلبات التقنية فيما يلي :
1. الأجهزة والمعدات
Hardwareالتي سيتم عن طريقها
تحويل المصادر التقليدية إلى الشكل الرقمي.
2. البرمجيات الخاصة
بعمليات تكويد مصادر المعلومات في الشكل الرقمي، وكذلك بروتوكولات Protocols الربط بين
أجزاء المكتبة الرقمية، المتصفحات Browsersوبرامج
استرجاع الوثائق والبيانات من المكتبة الرقمية.
3. شبكات الاتصال
Communication
Networks، ومنافذ للشبكة
العالمية الإنترنت Internet Terminalsوالتي لابد أن تكون
بقدرات عالية وكفاءة وسرعة فائقة.
4. قواعد البيانات
Data
Bases التي تختزن فيها
النصوص الكاملة للوثائق ومصادر المعلومات، ولابد أن تكون هذه القواعد قادرة على
استيعاب كافة أشكال المصادر الرقمية Digital Format .
5. اعتماد نسق معين
لبيانات الوثائق ومصادر المعلومات يتم استخدامه بصفة دائمة، وهي كثيرة في الوقت
الحالي، ولكن أفضل ما يُوصى به عالمياً هي لغة الترميز القابلة
للامتدادExtensible Markup Language (XML).
6. برمجيات حماية حقوق
الملكية الفكرية لمصادر المعلومات والوثائق الرقمية، سواء التي تم تحويلها من الشكل
التقليدي إلى الشكل الرقمي، أو تلك التي أُنتجت أصلاً في شكلها الرقمي.
7. برمجيات الأمان
والتحقق من هوية المستخدمين للمكتبة الرقمية، وأمن والبيانات والمجموعات
الرقمية.
8. وسائط التخزين
لمصادر المعلومات، والتحقق من مدى قدرتها على الاستيعاب لما قد يزيد من المصادر
الرقمية وارتباطاتها في المستقبل القريب والبعيد، ومدى قدرات التخزين الاحتياطية
لهذه الوسائط .
9. واجهات الاستخدام
للمستفيدين User Interfaces والتي يجب أن يتم
مراعاة المواصفات العالمية في تصميمها.
ثانياً: الاحتياجات
المادية :
لعلنا
لا نبالغ إذا قلنا أن الاحتياجات المادية من توافر الميزانيات المالية هي واحدة من
أهم عوامل قيام المشروعات بصفة عامة، والمكتبات الرقمية بصفة خاصة، فلابد من توافر
الموارد المالية اللازمة لقيام المكتبات الرقمية، وهنا لابد أن نشير إلى أن
التكاليف الباهظة نسبياً في عملية إنشاء المكتبات الرقمية يمكن أن تقف حجر عثرة في
هذه العملية وخاصة في البلدان العربية، وذلك لنقص التكنولوجيا المؤهلة لقيام مثل
هذا النوع من المكتبات، وعند قيام مكتبة أو مؤسسة بمفردها في البدء بإنشاء مكتبة
رقمية فإن ذلك سيكون مرهقاً جداً، ولكي يحقق أحد الأهداف المرجوة من المكتبة
الرقمية وهو تقليل النفقات عن المكتبات التقليدية، لذا من الضروري أن يكون هناك
مشاركة في عمليات إنشاء وبناء مثل هذه المكتبات الرقمية، مما يجعل النفقات موزعة
على أكثر من جهة، وبهذا يتحقق تقليل النفقات في عمليات الإنشاء وأيضاً يتحقق
التعاون بين المؤسسات المعلوماتية والمكتبات لتقديم مستويات أفضل من الخدمات
للمستفيدين من هذه المؤسسات عن طريق المشاركة في التكاليف وكذلك المشاركة في
المصادر والذي يعد الآن من الاتجاهات العالمية في شتى المجالات وبخاصة في مجالات
المعلومات وتبادل البيانات، ولعنا إذا راجعنا معظم مشروعات المكتبات الرقمية سنجد
أنها لم تنشأ عن مؤسسة واحدة مهما كانت الإمكانيات المتوافرة لها، وإنما هي ثمرة
تعاون مؤسسي بين أكثر من جهة فعلى المستوى العالمي نجد أن جامعة بيركلي
Berkeley أقامت مكتبتها الرقمية
بالتعاون مع شركة صن للمجموعات الرقمية Sun Microsystems, Inc.، وعلى المستوى
العربي نجد أيضاً أن مكتبة الإسكندرية تتعاون مع جامعة كارنيجي ميلون CarnegieMellonUniversity في كثير من المشروعات
الرقمية بها.
ثالثاً: الاحتياجات
البشرية Digital Librarian
يعد العنصر البشري من
العناصر الهامة في قيام أي مشروع، ذلك أنه لابد من وجود العنصر البشري، مهما كانت
درجة تقنية وحداثة المشروع حتى وإن كانت مشاريع المكتبات الرقمية، وكما لاحظنا أن
هناك تضارب أو عدم وضوح في مسميات المكتبات الرقمية والمصطلحات التي خرجت معها، نجد
أن هناك أيضاً درجة من عدم الوضوح في المسمى للعناصر البشرية التي ستقوم بالعمل في
البيئة الرقمية بشكل عام وفي المكتبات الرقمية بشكل خاص، فمسئول المكتبة الرقمية هو
بمثابة أمين مكتبة أو أخصائي مكتبات في المكتبات التقليدية - مع اختلاف الوظائف-
وهذا بالطبع يستتبع معه اختلاف في القدرات والمؤهلات المطلوبة ممن يُطلب منه القيام
بعمل أمين المكتبة الرقمي، فما هي هذه المسميات؟ وما هي المواصفات والمؤهلات
المطالب بها؟ وما هي الوظائف المنوط بهذا الشخص - مهما كان مسماه- أداؤها؟
أما عن
المسميات، فنجد أن هناك أكثر من تسمية لمن يعمل في المكتبة الرقمية، مثل أخصائي
مكتبات Librarian، أخصائي معلومات
Information
Specialist، أمين المعلومات (5) Cybrarian، كما نجد
هناك العديد من المسميات الأخرى ، وهي من وظائف المكتبات
الحديثة مثل اختصاصي مصادر المعلومات الرقمية Digital Resources
Librarian، ومنسق المصادر
الرقمية Digital Resources Coordinator، وأيضاً اختصاصي
المكتبات المسئولين عن المجموعات الرقميةLibrary Specialists in
Digital Collections ، مديري الوثائق
الإلكترونية أو المتاحة على الخط المباشر Managers of electronic or
online archives، ومن كل هذه المسميات
يتضح لنا أنها تشترك في أن صاحبها يعمل في بيئة عمل غير تقليدية.
ولكن مع كل هذه
المسميات وغيرها وما بها من بريق إعلامي، هل لنا أن نقول أننا كمكتبيين لا نصلح
لمثل هذه المهام؟ وهل سيتولى غيرنا مهمتنا في مؤسسة يطلق عليها مكتبة أياً كان نوع
هذه المكتبة وطبيعة العمل فيها؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة، فيما إذا كان في
مقدور العاملين في قطاع المكتبات على النهوض واللحاق بركب التقدم التكنولوجي السريع
وتطوير الذات، حتى لا نجد من يطل علينا بمقولة: أن المكتبيين لا يصلحوا للقيام
بمهام العمل في البيئة الإلكترونية والرقمية، وعلى ذلك فإن أفضل ما يطلق على من
يقوم بمهام المكتبة الإلكترونية هو أخصائي المكتبات والمعلومات، حيث يكون هو الشخص
المُلم بكل القواعد العلمية والعملية الخاصة بالعمليات الفنية في مجال المكتبات،
ومُزوداً بكل ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خبرات ومعارف.
وهذا بالطبع
يقودنا إلى النقطة الأخرى في موضوع المتطلبات البشرية للمكتبات الرقمية وهي السؤال
المطروح .. ما هي مؤهلات من يقوم بالعمل في المكتبات الرقمية بصفة خاصة أو في
البيئة الرقمية بوجه عام؟
كما ذكرنا أنه
من الأفضل أن يكون من المختصصين العاملين في مجال المكتبات، وله من الخبرات العالية
في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويمكن أن نلخص ما يجب أن يتحلى به أخصائي المكتبات
والمعلومات الذي سيعمل في المكتبة الرقمية في عدة نقاط نبرز بعضاً منها فيما يلي :
-
1. المعرفة التخصصية في
علم المكتبات والمعلومات، وهو كما قلنا ركيزة أساسية لأي شخص يعمل في مجال المكتبات
عموماً تقليدياً كان أم رقمياً. (6)
2. أن يكون الشخص
مؤهلاً تأهيلاً علمياً عالياً، وذلك حتى يتسنى له مواجهة ما يمكن أن يواجهه في بيئة
عمله من جهد عقلي، وإدراكه لمدى أهمية المكان الذي يعمل به.
3. المتابعة والتجديد،
حيث يجب أن يكون المكتبي الذي يعمل في البيئة الرقمية أن يكون
متابعاً لكل جديد في مجال تخصصه وكذلك في مجال تكنولوجيا الاتصالات وعلوم
المعلومات، وكل ما هو حديث في مجاله.
4. التعليم المستمر:
فيجب أن يكون هناك نوع من التعليم المستمر للمكتبيين العاملين في مجال المكتبات
الرقمية وذلك عن طريق الدورات التدريبية والتقنية المستمرة في مجالات التقانة
والتكنولوجيا وعلوم المكتبات والمعلومات، وهذه النقطة بالطبع ملقاةً على عاتق
المؤسسات الحاضنة لمثل هذه المكتبات.
5. التدريب العملي
المستمر للعاملين: حيث يجب المكتبيون العاملون في المكتبات الرقمية إلى نوع من
التدريب المستمر والمنظم حتى يكونوا على دراية دائمة ومتجددة بالحديث في مجال
التخصص.
وفضلا عن كل ما مضى من النقاط لابدَّ من نقطة جِدُ مهمَّة وهي المختصة
بالسياسات العامة لتعليم علوم المكتبات والمعلومات في الوطن العربي بصفة خاصة- هي
ضرورة تعديل المقررات الدراسية والمساقات العلمية بما يتطابق مع الثورة الحادثة في
مجال المكتبات والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، وتعليم المكتبيين منذ نعومة
أظفارهم في أقسام المكتبات ما هي التكنولوجيات الموجودة في مجال المكتبات
والمعلومات، وكيفية الاستفادة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في مجال المكتبات،
فضلا عن زيادة الجرعات العملية والمساحات الحرة في التفكير للطلاب، كالتركيز على
المشروعات العلمية للطلاب وبيان أهميتها, وضرورة التركيز على الخروج عن نطاق تقييم
المراجع وعمل الأبحاث في المكتبات التقليدية، إلى إجبار الطالب على التفكير وتحسين
أدائه وطريقة تفكيره وقدرته على الإبداع عن طريق إنجاز مشروعات تكنولوجية في
المجال.
وهذا بالطبع
يساعد على خلق مكتبي عصري مُسلح بعلوم المكتبات الأساسية التي لا غنى في مجال
المكتبات التقليدي وغير التقليدي، كما تجعله أيضاً أكثر اعتياداً على الأشكال غير
التقليدية لوسائط المعلومات وكذلك أنواع المكتبات الحديثة، ولا يهاب الولوج إلى خضم
ومعترك هذه الساحات التكنولوجية والتي يهاب كثير منا الدخول إليها، فلا يمكن لأي
مكتبة رقمية كانت أم تقليدية أن تقوم فقط بتوفير الاحتياجات المادية من ميزانيات
وأموال، فضلا عن الاحتياجات التقنية من حواسيب وبرامج وغيرها .. ومخطئ من يظن هذا،
بل لا بد لكل ذلك من مكتبيين على درجة كبيرة جداً من الوعي والثقافة الذاتية
والقدرات والثقة بالنفس كي يمكن لهذه الجوانب أن تتكامل لإظهار مشروع جيد متكامل
وتقديم خدماتٍ متطورةٍ على درجة كبيرة من الإتقان لمجتمع المستفيدين، ومن هنا يمكن
القول أن المكتبيين بالفعل هم الأداة الفاعلة التي تقف خلف هذه المشروعات, ويعملون
بجد لإظهار الشكل المتكامل لهذه المشروعات, فهل نجد في أنفسنا الثقة على أن نكون
نحن وليس غيرنا هم من يقوموا بإنشاء والعمل في هذه المكتبات الرقمية؟، وألا نكتفي
بذلك بل أن نطورها، ونعطي الحلول والمقترحات للتطوير وتحسين الخدمات، وقد ذكر د.
عماد عيسى أن تعليم وتأهيل العاملين في
المكتبات الرقمية لم يأخذ القدر الكافي من الاهتمام، كونه يأتي في مرتبة متأخرة
مقارنة مع ما يُرصد من ميزانيات لأغراض البحث والتطبيقات في مجال المكتبات
الرقمية.
وبعد أن ذكرنا المسميات والمؤهلات لمن يعمل في بيئة المكتبات الرقمية، حق لنا أن
نسأل لماذا كل هذه المسميات والمواصفات الكثيرة والمعقدة؟ وهل هناك من الوظائف
والواجبات التي سيقوم بها هذا الشخص؟ وهل تستدعي كل هذا الجدل والمتطلبات؟
نجيب: إنَّ الشخص
المنوط به العمل في المكتبات الرقمية يقع –بالفعل- على عاتقه كم هائل ودقيق جداً من
الوظائف والواجبات التي يجب القيام بها, وعليه أيضا القيام بعديد من الوظائف. ويمكن
القول: إنَّ وظيفة المكتبي في بيئة المكتبة الرقمية هي متداخلة و متشابكة, فهو ينجز
وظائف متعددة في وقت واحد، لذا كان لا بدَّ من التدقيق في تحديد مواصفاته، ومن هذه
الوظائف :
1. إعداد المخططات
الفنية لمشاريع المكتبات الرقمية، فعلى عاتق أخصائيي المكتبات والمعلومات تقع
المسئولية الفنية في التخطيط لمشاريع المكتبات الرقمية، حيث من المفترض فيه أن
يمتلك رؤية واضحة لمتطلبات وأهداف مؤسسات المعلومات.
2. اختيار المجموعات
ومصادر المعلومات الرقمية، وإجراء العمليات المكتبية الفنية عليها مثل، الاقتناء،
والحفظ، والتنظيم، وإدارة هذه المجموعات في البيئة الرقمية.
3. رقمنة أوعية
المعلومات والوثائق التقليدية، وتحويلها من الشكل التقليدي إلى الشكل
الرقمي.
4. تخطيط الخدمات
المكتبية: فعليه تقع مسئولية تخطيط خدمات المكتبة وكيفية تقديمها، فضلا عن الابتكار
في إنشاء خدمات جديدة وفي طريقة تقديم هذه الخدمات، مثل خدمات الإبحار المعلوماتي،
وتقديم الاستشارات، وتوصيل المعلومات والبث الإنتقائي .. وغيرها.
5. إدارة الأجهزة
والبرمجيات المستخدمة في تحويل تلك المصادر التقليدية إلى الصورة الرقمية، بمايشمل
ذلك من الوصول الشبكي networked access إلى المجموعات الرقمية.
(7)
6. الابتكار في عرض
مجموعات المكتبة الرقمية على موقع المكتبة وعلى شبكة الإنترنت، وابتكار وسائل
التعريف بالمكتبة ومجموعاتها.
7. وصف محتوى البيانات
وخصائصها، وتنظيم عناصر الميتاداتا لمصادر المعلومات.
8. اتخاذ تدابير صيانة
وأمن المعلومات ومصادرها على موقع المكتبة.
9. إجراء دراسات
التغذية الراجعة، واستطلاع آراء المستفيدين من المكتبة ومحاولة معرفة مدى توافق
المجموعات الرقمية بالمكتبة مع متطلبات ورواد المكتبة الرقمية (دراسات المستفيدين).
كل هذه الوظائف
وغيرها منوط بأدائها المكتبي في البيئة الرقمية، ومن هذا المنطلق نجد أن هناك
الكثير من الدراسات التي قامت بالمناداة بأهمية العنصر البشري في مشاريع الرقمنة
والمكتبات الرقمية، بل أصبح هناك من المؤسسات والمعاهد العلمية التي تعمل على
التخطيط لإيجاد جيل من المكتبيين المتخصصين القادرين على العمل في البيئة الرقمية،
مثلما قامت به مكتبة بيركيلي Berkeley
Library بجامعة كاليفورنيا
University of
، California (UC) والتي
أقامت - بالتعاون مع قسم التربية بالجامعة- معهداً خاصاً بتطوير المكتبات الرقمية،
تتركز مهامه في عملية تدريب العاملين في مجال المحتوى الرقمي في المكتبات والأراشيف
الرقمية، وصقلهم بأهم وآخر التطورات في مجال تكنولوجيا الرقمنة.
الخلاصة
تعد المكتبات
الرقمية Digital Libraries بحق ثورة في مجال
استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال المكتبات والمعلومات،
ومواكبة التطورات الحادثة في العالم، والذي بدأ التحول والتوجه نحو الرقمنة
Digitization في كل المجالات
والاتجاهات، فأصبح من الشائع أن نسمع عن المكتبات الرقمية والنشر الإلكتروني،
وأيضاً عن الحكومات الإلكترونية وخدماتها.
وهناك
العديد من التجارب الناجحة لمشاريع المكتبات الرقمية على المستوى العالمي، فبعض
جامعات أمريكا وأوروبا نجحوا بالفعل في عمل مكتبات رقمية على مستوى عالي من الجودة،
أما على المستوى العربي فإننا لا نكاد نجد غير بعض التجارب التي لا تتجاوز أصابع
اليدين، لكنها محاولات جادة حاولت اللحاق بركب الرقمنة العالمية، ومن هذه المشروعات
الجادة على المستوى العربي مكتبة الوراق بالقرية الذكية في أبو ظبي، ومكتبة
الإسكندرية الرقمية والتي تعمل على تحقيق تقدم في مجال رقمنة التراث الإنساني
القديم، ومشروع البوابة الإلكترونية بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية وغيرهما من
التجارب الأخرى.
الهوامش :
1.
عماد عيسى
صالح محمد. مشروعات
المكتبات الرقمية في مصر : دراسة تطبيقية للمتطلبات الفنية والوظيفية / إعداد عماد
عيسى صالح محمد ؛ إشراف محمد فتحي عبد الهادي، زين الدين محمد عبد الهادي، 2000
[أطروحة دكتوراه].
2. سعد
الزهري. رقمنة ملايين الكتب في الغرب وعدم التفريق بين الانترنت والمكتبة
الرقمية في الشرق / سعد الزهيري. مجلة المعلوماتية، ع. 10 متاح على الرابط:
4. محمودعبدالستار خليفة. مصطلح cybrarian : المفهوم
والاستخدام العربي . - cybrarians journal . - ع 1 (يونيو 2004)
. - متاح في :
5. عبد
الرحمن فراج. مفاهيم أساسية في المكتبات الرقمية. - المعلوماتية. - ع. 10.
متوفر على الرابط:
متوفرة أيضاً على
الرابط: http://www.arabcin.net/arabiaall/1-2003.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق